سيدة هلا الحميدي، أم في الثالثة والعشرين من عمرها، تعيش في منطقة جبل بدرو. لدى مرورها بمكتب كاريتاس سورية في حلب، لاحظت لافتة ورقية على لوحة الإعلانات. لم تتمكن هلا من قراءة اللافتة لأن الفرصة لم تسنح لها للتعلم عندما كانت صغيرة، لأسباب عديدة؛ إحداها هي الحرب الشرسة والأخرى هي الموروث الثقافي الذي يمنع الفتيات من التعلم ويضعهن على طريق الزواج.
قالت هلا: "لو كان يحق لي اتخاذ القرارعندما كنت صغيرة، فكنت سأواصل تعليمي".
دخلت هلا مكتب كاريتاس سورية في حلب وسألت مؤدي الخدمة عن اللافتة. أخبروها أن كاريتاس سورية ستبدأ بتنظيم دورات لمحو الأمية للنساء والشابات، لمساعدتهم على القراءة والكتابة بشكل صحيح وتعلم الرياضيات البسيطة التي تساعدهم في حياتهم اليومية.
أضافت هلا: "لقد كنت متحمسة جداً. تقدمت بطلب فوري، حتى أني نسيت استشارة زوجي أولاً".
لحسن الحظ أن زوجها لم يمانع، مع الأخذ بعين الاعتبار طفلها الصغير أحمد، الذي سيكبر قريبًا ويحتاج إلى والدته لتعليمه في السنوات القادمة.
واصلت هلا حديثها قائلة: "كانت الدورة صعبة جداً بالنسبة لي في بداية الأمر. فأنا لم أمسك قلمًا من قبل، لكنني لم أستسلم".
تحدثت هلا لمؤدي الخدمة عن معاناتها اليومية وكيف كانت تطلب مساعدة الغرباء، في كل مرة تريد فيها قراءة شيء ما أو كتابة المعلومات الضرورية، كلما زارت طبيباً أو ذهبت إلى دائرة رسمية.
"كنت أشعر بالخجل والذل كلما طلبت مساعدة من الغرباء. فأول ردة فعل كنت أسمعه كانت: ألا تعرفين القراءة؟" تذكرت هلا بحزن.
بفضل إيمانها بتحسين حياة عائلتها، واصلت هلا دراستها حتى آخر يوم وتقدمت للامتحان النهائي الذي أعدته جمعية التعليم ومحو الأمية في سورية وكانت النتيجة سارة جداَ.
بعد أيام قليلة من الامتحان، نظمت كاريتاس سورية - مكتب حلب يومًا مفتوحًا للمستفيدين، حيث زاروا قلعة حلب المهيبة وتناولوا إفطارًا لذيذًا في أحد المطاعم القريبة من القلعة.
"صحيح أني أعيش في حلب، لكني لم أكن قد زرت قلعتها من قبل. شعرت بالسعادة مع الأصدقاء الذين كونتهم خلال الدورة". قالت هلا، مضيفة تقديرها لكاريتاس سورية بكلمات تبث من قلبها:
"لقد غيرت كاريتاس حياتي، ووصلت ثقتي بنفسي إلى السقف. يمكنني الآن أن أواجه العالم بأسره ولا أطلب مساعدة الغرباء أبدًا، وأنا متأكدة من أن ابني سيحصل على التعليم المناسب، لذلك لا يجب أن يعاني نفس المعاناة التي مررت بها لسنوات، شكرًا لك كاريتاس".